Wednesday 24 August 2011

Sunut Forest in Khartoum...the last breath غابة السنط.. متنفس الخرطوم يلفظ أنفاسه الأخيرة




  لمن لم يزورها غابة من الأشجار، ووكر للجريمة والمجرمين، وفي ذاكرتنا الشعبية عشرات القصص عن عجائبها كثيرها من نسج الخيال، إلا أن غابة السنط لمن يزورها فهي عالم مختلف، بقعة في طرف الخرطوم لا شبيه لها في من حولها، أصوات العصافير في غابة السنط تستقبل الزائرين صافية ومتناغمة، النيل ينبسط تحت ظلالها حتى أنه لا يشبه النيل على امتداده الطويل، تجد نفسك مع مستوى البحر أو النيل وأنت تقف في الغابة أسفل مدينة أم درمان التي أمامك، وأدني من مدينة الخرطوم التي خلفك، لا شيء فيها سوى الطبيعة الساحرة والهامسة من غير تكلف، والذي فيها أمسي أندر من النوق العصافير، يحج له الناس من بلاد بعيدة، بتكاليف باهظة، عندما زرناها تأكدنا أن عبقرية المواطن البسيط تتفوق على الدولة وبرامجها ومخططاتها آلاف المرات، فأعداد غفيرة من الناس من مختلف المناطق تزور الغابة وتتفهم سرها وسحرها، بينما لم تتفتق عبقرية الدولة 
عن مشروع واحد بالغابة، فإلى تفاصيل الزيارة: 

واجهة مائية على ملتقى النيلين :غابة السنط مساحتها عندما تم حجزها في سنة 1932 كمحمية طبيعية كانت 419 فداناً، تناقصت مساحتها بفعل المباني والتمدد العمراني إلى 369 فداناً، والغابة التي تقع على الضفة الشرقية للنيل الأبيض تمتد حتى منطقة ملتقي النيلين، وتعتبر من أجمل الواجهات المائية على النيل العظيم، وهي عبارة عن نطاق تقليدي حيوي طبيعي، تتكون معظم أشجارها من السنط والذي يتميز بمقاومته العالية لمياه الفيضانات التي تغمر الغابة في الفترة من يوليو وحتى سبتمبر من كل عام، مما دفع شجر السنط للتحور والتأقلم، فصارت له سيقان عارية تضعها في الماء طوال فترة الفيضان، وأوراق ناعمة في الأعلى وزهرة صفراء، لتتفرد شجرة السنط بمنظر فريد، خاصة وهي مجتمعة في غابة ، والغابة بالإضافة إلى شجرة السنط، بها بعض الأعشاب والحشائش التي تنمو في أجزاء متفرقة من الغابة عقب الفيضان، وتعتبر الغابة مأوى للعديد من الطيور المستوطنة والمهاجرة مثل الأوز، طير البقر، خطاف البحر، أبو منجل، البط، النورس البحري، ومالك الحزين والتي في معظمها تعتبر طيوراً نادرة، بالإضافة إلى العديد من العصافير، والطيور المستوطنة فيها، وكلها تحط على بعد أمتار من زوار الغابة في جزيرة صغيرة أمامها تزيد من روعة المكان . زائر: لا وجهة لنا غير الغابة :ونحن متجهين إلى غابة السنط لم أقدر عدد زوارها تقديراً صحيحاً،وكان أغلب ظني أنهم بعض شباب، وعدد من الأسر يتحلقون تحت أشجارها، إلا أنني وعند مدخلها تحت كبري أم درمان الجديد تكشفت لي الحقيقة، فزوار الغابة جماهير غفيرة، أسر من أمدرمان، والخرطوم، وبحري، نساء ورجال وأطفال، وعربات تصطف في المدخل تنتظر دورها في الدخول، والغابة تمتلئ حتى أوفاضها، فتحت كل شجرة تجتمع أسرة وأصدقاء وجيران وجمعية أو رابطة شباب من الجامعة، أما ضفة النيل فيقف عليها عدد كبير من الزوار فتجد الأطفال والشباب يتراشقون بالمياه، والبعض الآخر يتأمل جمال الطبيعة وسحرها، وزوار الغابة الدائمين "بكوانينهم" وصيجانهم يحمرون اللحم بروائحه الشهية التي تختلط بعبق المكان الفريد، وحتى الكمونية تجد النساء منهمكات في إعدادها، سألنا عدداً من الزوار، بعضهم قال إنه يزور غابة السنط سنوياً في مناسبة رأس السنة، وعطلة الاستقلال، وآخرون أكدوا أنهم زوار دائمين للغابة في كل أيام الجمع، أحدهم قال للأخبار: "الغابة متنفسنا الوحيد بعيداً عن الضوضاء وبأقل التكاليف"، وأضاف: "عمر نحن عبر الأخبار نناشد المسؤولين أن يتركوا لنا غابة السنط حتى ولو بدون خدمات، لأننا لا وجهة لنا غير الغابة" .متنفس الخرطوم يلفظ أنفاسه الأخيرة :همنا ونحن ندخل غابة السنط، مستقبل هذه المحمية الطبيعية والواجهة المائية النادرة، وشاركنا هذا الهم كل من وجدناه هناك، وخاصة أن جزءاً من الغابة وقفت فيه مباني خرصانية شاهقة بعد أن أعدمت أشجار السنط، ووضعت لافتة وبدلاً من أن يكتب عليها غابة السنط كتب عليها "مدينة السنط"، ومدينة السنط وقبل إعلانها ثارت حولها خلافات بين البيئتين والمستثمرين في أرض الغابة، إلا أن الجدل حسم لصالح المستثمرين، واستقطع جزء كبير من أرض الغابة لصالح مدينة السنط، وعرضت أرضها للمستثمرين العرب أكثر من مرة من قبل ولاية الخرطوم، إلا أنها اليوم تواجه ذات الخطر وخاصة من الاتجاه الشرقي، حيث هنالك مقترح بتنفيذ مباني على طول واجهتها الشرقية على طريق الأسفلت المؤدي المنطقة الصناعية، وأكثر من ذلك تعاني الغابة من الإهمال الشديد، وتناقصت أشجار السنط بصورة كبيرة في السنوات الأخيرة، ولا أحد يهتم باستزراع شجيرات جديدة، فانكشفت مساحات واسعة من الغابة عن أرض جرداء، وأكوام من الحجارة، وإن استمر الحال على هذا المنوال، فالسنوات القادمة ستشهد موت غابة السنط، مما يتطلب وقفة من الناشطين في مجال البيئة للحفاظ على هذا المنتجع الفريد.  

 شوقي عبد العظيم : الأخبــــــارالسودانية

No comments:

Post a Comment